حذر البنك الدولي في تقرير صدر في الآونة الأخيرة، أنه دون إجراءات فورية لمكافحة تغير المناخ وارتفاع مستويات البحار وشح المياه وتراجع إنتاجية المحاصيل فإن 216 مليون شخص قد يضطرون للهجرة داخل بلدانهم بحلول عام 2050

وكشف التقرير أن الدول الواقعة جنوبي الصحراء الأفريقية وحدها ستشكل 86 مليون من أولئك المهاجرين بالإضافة إلى 19 مليون في منطقة شمال أفريقيا. ومن المتوقع أن يكون هناك 40 مليون مهاجر في جنوب آسيا و49 مليونا في شرق آسيا ومنطقة المحيط الهادئ

وأضاف التقرير الذي وقع تخصيصه حول “الاستعداد لاحتواء الهجرات الداخلية الناجمة عن تغير المناخ”، أنه من بين ست مناطق يشملها بالتحليل، تأتي شمال أفريقيا في المركز الرابع ضمن المناطق التي تشملها هذه الظاهرة، وينتظر أن تسجل النسبة الأكثر أهمية من المهاجرين الداخليين بسبب المناخ مقارنة بإجمالي السكان

وستشهد منطقة أفريقيا جنوب الصحراء بحلول عام 2050 اضطرار ما يصل إلى زهاء 86 مليون شخص إلى الهجرة الداخلية تليها منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ التي ستسجل هجرة نحو 49 مليون شخص وسيهاجر 40 مليون شخص في منطقة جنوب آسيا و19 مليونا في منطقة شمال أفريقيا في حين ستسجل أميركا اللاتينية هجرة 17 مليونا وشرق أوروبا وآسيا الوسطى هجرة 5 ملايين شخص

ويعد المناخ أحد عوامل الهجرة التي تزداد قوة يوماً بعد يوم مما قد يجبر 216 مليون شخص في 6 من مناطق العالم على الارتحال داخل حدود بلدانهم بحلول عام 2050

وبالنسبة إلى مدينة تونس الكبرى فهي مرشحة لأن تكون بؤرة هجرة داخلية إذا لم يتم التحرك. ويظهر التقرير، كذلك، عدة بؤر ساخنة للهجرة الداخلية الناجمة عن تغيّر المناخ بحلول سنة 2030 وتواصل انتشارها وتفاقمها بحلول 2050

وتوقع التقرير في ما يهم منطقة شمال أفريقيا، أن تصبح التغيرات في الكميات المتاحة من إمدادات المياه الدافع الرئيسي إلى الهجرة الداخلية بسبب المناخ، إذ ستجبر الناس على ترك المناطق الساحلية والداخلية التي يزداد فيها شح إمدادات المياه، وينخفض النمو السكاني في هذه البؤر الساخنة للهجرة الخارجية على امتداد

الساحل الشمالي الشرقي لتونس والساحل الشمالي الغربي للجزائر وغرب المغرب وجنوبه وسفوح جبال أطلس المتوسط التي تعاني بالفعل من شح المياه

وقد تصبح عدة أماكن ذات وضع أفضل من حيث إمدادات المياه المتاحة في الوقت نفسه بؤرا ساخنة للهجرة الداخلية بسبب تغير المناخ، من بينها مراكز حضرية مهمة مثل القاهرة والجزائر العاصمة ومدينة تونس وطرابلس ومحور الدار البيضاء – الرباط وطنجة

وستظل تدابير التكيف ذات أهمية حيوية للقطاعات شديدة التأثر بالمناخ، ومنها الزراعة بالنظر إلى أهميتها لسبل كسب الرزق والوظائف في المنطقةوبيّن التقرير أن “العمل الجماعي يمكن أن يسهم في الحد من الهجرة العالمية بنسبة 80 في المئة وأن هذا العمل يرتكز على عدة خطوات من بينها إدماج الهجرة الداخلية الناجمة عن تغيّر المناخ في التخطيط الذي يتسم ببعد النظر للتنمية الخضراء والقادرة على الصمود والشاملة للجميع

وتوصل التقرير إلى ضرورة خفض الانبعاثات العالمية، وبذل كل جهد ممكن لتحقيق المستويات المستهدفة لدرجات الحرارة في اتفاق باريس للتوصل إلى خفض مستوى الهجرة العالمية. وشدد على ضرورة الاستعداد من أجل كل مرحلة من مراحل الهجرة حتى تؤدي الهجرة الداخلية بسبب عوامل المناخ كاستراتيجية للتكيف إلى نتائج إنمائية إيجابية والاستثمار في تحسين فهم عوامل الهجرة الداخلية بسبب تغيّر المناخ من أجل إثراء السياسات الموجَّهةً توجيهاً جيداً.

وقال نائب رئيس البنك الدولي لشؤون التنمية المستدامة يورغن فوغل “يُعد تقرير ‘غراوندس وال’ تذكيراً صارخاً بالخسائر البشرية التي سيسبها تغيّر المناخ، لاسيما على الفئات الأشدّ فقراً في العالم والتي تسهم بأقل قدر في أسبابه”.

وأوضح أن “التقرير يرسى بوضوح مساراً للبلدان لمعالجة بعض العوامل الرئيسية التي تتسبب في الهجرة المدفوعة بتغيّر المناخ وهذه القضايا مترابطة ترابطاً جوهرياً، ولهذا السبب فإن مساندتنا للبلدان قادرة على تحقيق الأهداف المناخية والإنمائية معا وفي الوقت نفسه بناء مستقبل أكثر استدامة وأماناً وقدرةً على الصمود”.

وخلص واضعو التقرير إلى أن النتائج التي توصلوا إليها ينبغي أن ينظر إليها على أنها دعوة عاجلة إلى الحكومات على المستويين الإقليمي والوطني والمجتمع الدولي للتحرك الآن لتقليل انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري وتضييق فجوات التنمية واستعادة الأنظمة البيئية. وأضافوا أن القيام بذلك قد يقلص تلك الهجرة بنسبة 80 في المئة إلى 44 مليون شخص.

وتضمن التقرير توقعات وتحليلات لمناطق شرق آسيا والمحيط الهادئ وشمال أفريقيا وشرق أوروبا وآسيا الوسطى بالاعتماد على نهج النمذجة الذي تضمنه الإصدار السابق من تقرير “غراوندس وال” للبنك الدولي في عام 2018.

Style Selector

Layout Style

Predefined Colors

Background Image